وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ

وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ
كلما قرأت وسمعت هذه الآية التي في سورة آل عمران:{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ
تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}[آل عمران : 30].
استشعرت أن كل عمل من خير أو سوء مكتوب في الدنيا محضر يوم القيامة،
فيفرح الإنسان بالخير، ويتمنى أن يكون بينه وبين الشر أمدًا بعيدًا.

قال الحافظ ابن كثير في تفسير الآية: يعْنِي يَوْم الْقِيَامَة يُحْضِر لِلْعَبْدِ جَمِيع أَعْمَاله مِنْ خَيْر وَشَرّ فَمَا رَأَى مِنْ أَعْمَاله حَسَنًا سَرَّهُ ذَلِكَ وَأَفْرَحَهُ وَمَا رَأَى مِنْ قَبِيح سَاءَهُ وَغَصَّهُ وَوَدَّ لَوْ أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْهُ وَأَنْ يَكُون بَيْنهمَا أَمَد بَعِيد ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُؤَكِّدًا وَمُهَدِّدًا وَمُتَوَعِّدًا "وَيُحَذِّركُمْ اللَّه نَفْسه" أَيْ يُخَوِّفكُمْ عِقَابه ثُمَّ قَالَ جَلَّ جَلَاله مُرْجِيًا لِعِبَادِهِ لِئَلَّا يَيْأَسُوا مِنْ رَحْمَته وَيَقْنَطُوا مِنْ لُطْفه "وَاَللَّه رَءُوف بِالْعِبَادِ". انتهى كلامه رحمه الله،

فمن يطيق أن يعصي الخالق جل جلاله بعد قراءة هذه الآية؟ بل من يطيق ألا تدمع عينه من خشية الله ورجاءا بواسع رحمته؟؟
لا إله إلا الله، اللهم لك الحمد على رحمتك التي سبقت غضبك سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك
وأعظم ما في الآية من الترهيب {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} فإنها تخلع القلوب، وترتعد وترتعش منها الأجساد خوفًا واضطرابًا.
أي يحذركم ويخوفكم من نفسه إذا ارتكبتم معاصيه، فإنه سينزل بكم عقابه
ويخوفكم الله عقوبته على موالاة الكفار وارتكاب المنهي ومخالفة المأمور، وهكذا فسرها عامة المفسرين
وأعظم ما في الآية من الترغيب والرحمة {وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} فإنه مع قوته وشدته ورهبته رؤوف رحيم بعباده، وإن مظاهر رأفته ورحمته كثيرة.
ومن مظاهر رأفته ورحمته أنه حذر عباده قبل أن يعاقبهم، وأنه يعفو عن كثير من ذنوب عباده، وأنه فتح لهم باب التوبة حتى يقلعوا عن خطاياهم .

وفي هذه الآية حكم و فوائد عظيمة منها
- أن كل ما عمله الانسان فسيجده حاضرا ,كل ما عمل من خير سواء كان في حق الله أو حق العباد و سواء كان ماليا أو بدنيا
أو جامعا بين البدني و المالي أي خير عمله سيجده محضرا .
- كمال عدل الله - عز و جل - حيث لم يظلم أحدا حسنة واحدة من حسناته , و هذا يستفاد من العموم في قوله ( ما عملت ) .
- أن عامل السوء يتمنى يوم القيامة و يود بكل قلبه أن بينه و بين السوء أمدا بعيدا , و لكن أنى له ذلك , و قدانتقل من دار العمل الى دار الجزاء , و لهذا جاء في الحديث ( ما من ميت يموت الا ندم ان كان محسنا ندم ألا يكون ازداد و ان كان مسيئا ندم ألا يكون استعتب ) .
- التحذير من عمل السوء و الحث على عمل الخير ما دام الانسان في زمن الامهال ,
و الطريق مفتوح و العمل متيسر قبل أن يندم حين لا ينفع الندم .
- شدة فرار أصحاب السوء مما أساءوا به , لقوله( أمدا بعيدا ) , فعليهم أن يتذكروا هذه الحال حتى يخلصوا منها .
- الحذر من مخالفة الله - عز و جل - , لقوله ( و يحذركم الله نفسه ) فاحذر يا أخي احذر ربك - عز و جل - الذي يعلم السر و أخفى ,
لا تقع في مخالفته , لا يفقدك حيث أمرك و لا يجدك حيث نهاك .
- اثبات الرأفة لله - عز و جل - بعباده , و هذا يعني أن نتعرض لما فيه رأفة الله من فعل الخيرات و ترك المنكرات .

منقول للفائدة

» *"يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ"*