...
*وصية ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺳﻌﻴﺪ ﺣﻤﺰﺓ أﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺕ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﺯ ﺑﺤﻔﺺ لمن أراد حفظ القرآن الكريم ..*
أيها الحافظ السائر في طريق الحفظ، أنقلُ لك وصايا أعطاني إياها الزمن يوم أن كنتُ أحفظ.
لا تيأسْ حينما تحفظ ويكون تسميعك ليس وفق جهدك الذي بذلت؛ فهذا فضل خصّه الله لك، يُريد لك رفعةً به، وزيادةً في الأجر.
تأكد حينما تُسمِع المقطع أنك ستُسمِّعه كاملًا؛ فأنت بذلت جُهدًا كبيرًا في حفظه والنظر إليه.
اعلمْ أن جهدك الذي بذلت في الحفظ لن يضيع، يقول الله تعالى: (..أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ...)
قد تأتي عليك أيامًا لا تستطيع فيها إسماع المقطع، لا تقلق، واعتبره اختبارًا من الله؛ ليعلم مدى صدقك، هل أنت تحفظ لله أو من أجل الدرجات أو شيء آخر.
ارخ أعصابك، وانسَ كلَّ شيء وأنت تُسمِّع الآيات ، لاتخفْ ! لا شيء يستحق الخوف ، أنت تحفظ لله .
قد تواجهك صعوبة في حفظ الآيات، تذكر أنه كلام الله، وأنك مأجور على كلِّ حرف، وبالصعوبة والمشقة يزداد أجرك.
قد تتحرج من معلمك؛ لأنك تبذل جهدًا ولا يظهر في تلاوتك أمامه ، اطمئن ، معلمك أعلم منك بهذا، فهو ماولد عالمًا، بل مرَّ بكلِّ المراحل التي أنت تمرُّ بها الآن.
اعلم أن معلم القرآن أحرص منك عليك، وأرحم بك منك، ويشعر بما تشعر به، واعلم أنه يريد لك الأفضل.
لا تخجل حينما تكثر أخطاؤك؛ فأنت تتعلم حتى تُتقن ومن ثم تُعلّم، ولولا هذا الخطأ ماعرفت الصواب.
كرر، فالتكرارُ هو المعين بعد اللهِ على الضبط.
هناك فرق بين التكرار والضبط، أحدهما قد يقول: أنا كررت مرارًا لكن لمَ لمْ أُتقن ؟ لا عليك أنت مع التكرار في طريق الضبط.
قد تكرر سبعًا و عشرًا ،وعشرين ،وثلاثين ، وأكثر .. لكن ربما لا تشعر بالفرق، لا بأس، عقلك الآن يأخذ نسخة صورية وسمعية للآيات، ستعينك فيما بعد على الضبط.
وحتى تتأكد من الذي قلتُه، جرب أن تكرر مقطعًا حفظته عدة مرات، ومقطعًا آخرا حفظته لكن لم تكرره. سترى فرقًا واضحًا حينما تُراجع.
اسردْ على أحد من الناس، للسرد أهمية عظيمة، حيث توضح ما خُفي عليك، وتقلل من الربكة أثناء الإسماع، قد تسرد على نفسك ولكن لا تعلم أخطاءك. وإن لم تجد مَن تسرد عليه، سجّل سردك تسجيلاً ثم اسمعه.
السرد يعينك على الإسماع بطلاقة دون توقف؛ لأنك تعتاد على السرد، وتكون لك عادة طيّبة لك.
و أنت تسرد وتُسمِّع لا تجعل القرآن قريبا منك، بل لا تجعله حولك حتى لا تتسرع بفتحه.
وازن بين حفظ الآيات و أنت تحفظ، والمقطع الذي ترى فيه صعوبة كرره مرارا حتى يرسخ.
عِ أنك في كلِّ يوم تحفظ، سيتطور عندك الحفظ، وستنتقل من مرحلة إلى مرحلة أفضل.
سيعتاد عقلك على الحفظ، وستحفظ - بإذن الله- مع الزمن بسهولة ويسر.
لا تنس أن اللهَ يسرّ حفظ القرآن، يقول تعالى:
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ )
إن كنت في أول الطريق فاعلم أن الله سيُيسر لك ما تبقى منه.
اعلم أنك ما سرتَ إلى هذا الطريق إلا بتوفيق من الله.
لاتنس أن القرآن سريع التفلت؛ فإيّاك وترك المراجعة، واتخذ لك صاحبًا يعينك على المراجعة.
لاتقلق من النسيان، هذا شيء طبيعي جدًا، لأن الحفظ الجديد يحل محل الحفظ القديم، وبمجرد مراجعتك للقديم ستتذكره بسهولة.
القرآن يحتاج إلى صبر ومثابرة، ولا تحسب أن من حفظه حفظًا جيدًا جاء حفظه من ذكاء وإلهام ! بل من جاء من جهد وتعب وسهر حتى ظفر وهذا هو الذكاء !
إيَّاك والذنوب والمعاصي والعجب بالنفس؛ فهي سبب رئيسي لتفلت المحفوظ والعلم كله!
إيّاك وتحقير نفسك، والقول: أنا لا أستطيع الحفظ، بل تستطيع لكن بالجد والصبر.
ختامًا ضع نصب عينيك: التكرار، السرد، المراجعة.
واعلمْ أن اللهَ اختارك من بين كلِّ العالمين لتحفظ كتابه بينما هناك من حُرم منه. نعمة تستحق التأمل والبذل .